كيف تحصل الدرون على المزيد من الإستقلالية في قراراتها؟

د/ محمد عبدالقادر
تخصص الروبوتات و التحكم قسم الهندسة الميكانيكية - جامعة الملك عبدالله للعلوم  و التقنية


يبدوا لنا بشكل واضح أن مجال العمل في الدرون بدأ في التوسع و يمكننا المقارنة بين عام ٢٠١٥ م  و عام ٢٠١٧ م * بعدد الشركات التي أُنشئت و التي تنحصر خِدماتها في حقل الدرون . خلال هذه السنتين إزداد عدد الشركات من ٣٢٤ شركة مؤثرة حتى وصلت إلى أكثر من ١٠٠٠ شركة  و منها ما تقوم خدماتها على المسح الجوي ”الرفع المساحي“ و عمليات الكشف عن التسريب الحراري و التشققات على جدران الجسور و عمليات المراقبة الأمنية … وغير ذلك . كل تلك العمليات تقوم بها طائرة درون واحدة ، حيث تستغرق في إتمام عملياتها الكثير من عدد عمليات الطيران للحصول على النتائج كاملة .  دعني أضرب لك مثالاً : أرض مساحتُها ١ كم و يطلب منك العميل أن تقوم بالرفع المساحي على أن يحصد نتائج دقتها من الصور المأخوذة لا تقل عن ١ سم - بعد حساب وقت الطيران يتبين لنا أننا سوف نحصل على رحلتين طيران و كل رحلة سوف تكون لمدة ٣٥ دقيقة! و ما يعني ذلك أنه يتطلب الإقلاع و الهبوط و هذه العملية تأخذ الكثير من الوقت للكشف على حالة الدرون بعد الهبوط و تغير بعض القطع اللازمة ثم رفع المهمة مرةً أُخرى إلى الكمبيوتر الموجود داخل الدرون و لا ننسى أن نضبط الإعدادت و التأكد منها… نعم الكثير من الجهد!!



د. محمد عبد القادر قام بتطوير خوارزميات - خلال مرحلة الدكتوراة بجامعة الملك عبد الله للعلوم و التقنية - يتم تثبيتها في الكمبيوتر الموجود داخل الدرون و إضافة مستشعرات و أجهزة إتصال يمكنها التواصل و نقل البيانات مع طائرات الدرون الأُخرى التي يوجد بها نفس الأجهزة ، و هذا ما قد عمل عليه تحديداً. يقول د.محمدعبدالقادر : أحضرنا عِدة طائرات درون و ثبتنا عليها هذه المسُتشعرات و أجهزة الإتصال و وضعنا خوارزميتنا داخل مُعالج طائرة الدرون الذي يقوم دوره بالتحكم في سُرعتها و إرتفاعها و مكانها . السؤال الذي نحاول أن نجاوب عليه من خلال البحث العلمي المتعلق بتطوير أنظمه ذكية متعددة الروبوتات في معمل RISC ( معمل الروبوتات و الأنظمة الذكية و التحكم ) بجامعه الملك عبد الله للعلوم و التقنية هو كيف يمكن تصميم نظام يتكون به العديد من الروبوتات ( طائرات درون في هذا التطبيق ) التي تستطيع أن تتعاون مع بعضها لإنجاز مهام بشكل أسرع من إستخدام درون واحدة  و الأهم هو بدون الإعتماد على شخص مُتحكم أو إستخدام محطة مركزية!  


الدرون - Drone : يُطلق هذا المُصطلح على طائرة ذات تحكم عن بُعد يتوفر بها نظام الملاحة الذي يعمل على تحديد الموقع الجغرافي ، و بها كمبيوتر مُصغر يعمل على ترجمة أوامر للطائرة من الشخص المُتحكم عن طريق جهاز التحكم أو قد تأخذ الأوامر من محطة أرضية تُرسل لها الإشارات و الأوامر أو عن طريق الكمبيوتر المثبت عليها كما تمت الأُشارة إليه في هذا المقال



بقيادة البروفيسور "Jeff Shamma” المُشرف على هذا البحث : إستبعدنا فكرة وجود محطة أرضية كجهاز كمبيوتر يقوم بإرسال الأوامر للدرون على أن تكون هذه المحطة هي محطة مراقبة لسلوك الدرون في الجو و لا تصدر أوامر لكل طائرة في فترة المهمة . أي أن المحطة المركزية ليست هي العقل المدبر لتنفيذ المهمة ، و لكن كل درون في الفريق مجهزة بنظام ذكي يساعدها في إتخاذ قرارات مستقلة و بالتعاون مع باقي الفريق عن طريق مشاركة المعلومات المطلوبة البسيطة عن طريق وسائل إتصال لا سلكية  . و نحن هنا دمجنا وحدة حاسوبية خفيفة الوزن بها خوارزميتنا التي تجعل الدرون هو الذي يأخذ القرار في سلوكه و تصرفه مع ما يتعرض له . قمنا بإختبار النظام على مثال أكثر تعقيداً من مجرد المسح الجوي .



كان المطلوب من الفريق أن يتعاون بشكل تلقائي للتصدي لدرون مضادة تحاول الإختراق و الوصول إلى مكان محدد . و بالفعل قمنا بالتجربة داخل إحدى مختبرات الجامعة - التي ينطبق عليها أنظمة السلامة  - بإعتراضنا لدرون مضادة تحاول الوصول لمكان محدد- للتحقق ما إذا كانت الخوارزميات ستعمل في هذه الظروف الغير متوقعة خُصوصاً إذا كان المتحكم في الدرون المضادة شخص لا يمكن أن يتنبأ بطريقة هجومه! و بالفعل كانت ردة الفعل التي قام بها فريق طائرات الدرون هي إتمام المهمة بدون أدنى أي خلل على سلامة الدرون الأُخريات ، فلم تتمكن الطائرة المضادة من الإختراق .  بلسان البروفيسور جييف شما يقول لنا : وجود بنية مركزية - أي محطة أرضية - سوف تأخذ الكثير من الوقت لتصل إلى القرار الصحيح - لأنها ستحاول أن تحسب القرار الأمثل لكل درون - و في خلال هذا الوقت قد تقع الكارثة و التصادم ، كما أن فشل المحطة المركزية لأي سبب يؤدي إلى فشل المهمة بأكملها . نحن هنا صممنا هذا النظام داخل الدرون لنعطيها المزيد من الإستقلالية  و تقليل إحتمالية فشل النظام . فريق البحث يأمل أن يمتد هذا البحث إلى تطبيقات أخرى .  تخيل معي على سبيل  المثال في أن تلك الأرض التي ذكرناها مُسبقاً يمكننا الإنتهاء من مسحها جوياً في غضون ٢٠ دقيقة بدلاً من ٧٠ دقيقة بإستخدام فريق من الطائرات الذكية! أنا هنا وزُملائي في جامعة الملك عبدالله نعمل لتطوير هذا النظام بشكل أكبر و تسهيل تلك العمليات .




* المصدر : https://www.uasvision.com/2016/07/28/drone-market-environment-map-2016/ 

https://discovery.kaust.edu.sa/en/article/510/robots-learn-by-checking-in-on-team%250amembers